«كبسولات نيتروجينية».. كيف تنقل المومياوات الملكية لمتحف الحضارة؟

يدور في أذهان الكثيرين، سؤالا هاما يتعلق بالطريقة التي ستنقل بها المومياوات الملكية، السبت، وكيف يمكن الحفاظ على المومياوات بصورتها التي هي عليها دون أن يحدث لها شيء، خاصة أن هذا الحدث العالمي يتابعه الملايين حول العالم وتنقله 400 قناة مصرية وعالمية ويشارك فيه 200 مراسل ومترجم لـ14 لغة.
ويقول الدكتور مصطفى إسماعيل، مدير معمل ومخزن المومياوات بمتحف الحضارة، إن نقل المومياوات الـ22 والـ17 تابوتا، سيتم بوضع المومياوات على حوامل من معدن تم تصنيعها في أمريكا حتى لا تتفاعل مع جسد المومياء، ثم ستنقل في كبسولات معزولة نيتروجينيا بدرجة حرارة ورطوبة حتى لا تنفجر.
وأوضح «إسماعيل» أنه بعد وضع الحامل وعليه المومياء بداخل كبسولة صنعناها بالكامل، وتعد ابتكارا علميا مصريا، سيتم وضعها داخل صندوق خشبي معالج ضد الاهتزاز، الذي تتم بداخله عملية التغليف، لضمان ثبات درجة الحرارة والرطوبة والغاز الخامل.
كما أوضح إسماعيل، أنه سيتم استخدام أجود الخامات في العالم، وهي جميعها مواد خاملة كيميائيا، لضمان عدم تفاعلها مع المومياء، وهو ما كان يحدث من قبل، ويتسبب في تفتت المومياء أو تسببها في ضرر للجلد أو الدعامات الداخلية للمومياء أثناء عملية النقل، وحتى وصولها ووضعها بداخل فتارين العرض المجهزة بداخل متحف الحضارة وهي خالية من الأكسجين.
وشرح إسماعيل مواصفات «كبسولة النيتروجين»، وقال إنها عبارة عن غاز خامل، والجهاز يفصل النيتروجين عن الهواء، وستوفر نقاء كاملاً حول المومياء يقي شر ما كان يحدث من قبل الابتكار حتى لا تتأثر المومياء بأي عوامل بيئية، مؤكدا: «هذا الغاز نستطيع أن نتحكم فيه وتكون درجة حرارته مركزة، بحيث تكون المومياء بداخل الكبسولة الخاصة بها في حفظ تام، إضافة إلى وجود وحدات اتزان خارجية تتحكم في الحركة الرأسية والأفقية، بحيث تكون في النهاية ثابتة، ويضم المتحف مركزا لترميم الآثار مجهزا بأحدث الأجهزة العلمية للفحوص والتحاليل الخاصة بالآثار، كما يعد هو المتحف الوحيد في مصر الذي يحتوي على جهاز الكربون المشع «C14» ومعمل لـ«DNA»».
وعن عمليات الترميم التي سبقت نقل المومياوات، قال إسماعيل إن «الموضوع لم يكن سهلا، حيث كنا سنجري محاكاة لكل مومياء بصناعة مستنسخ لها، واختبارات على النسخة للتأكد أن المواد المستخدمة لا تؤثر على طبقاتها المختلفة من الجلوتين لمواد الترميم للتدعيمات الداخلية»، مضيفاً أن «كل تلك الخطوات تتكرر مع كل مومياء نظرا لأن كلاً منها تحتاج لتعامل خاص، وأخذت منا مرحلة الدراسة 18 شهرا، ودرسنا فيها كل صغيرة وكبيرة وكان أمامنا العديد من التحديات، أولها أن لكل مومياء معاملة خاصة حسب عمرها وحالتها، وحتى طريقة تحنيطها، فلكل مومياء طريقة ومواد تحنيط خاصة تحتاج لمعاملة مختلفة».
وتابع أن «ثاني التحديات أننا نتعامل مع مومياوات لملوك مصر من صنعوا الحضارة التي نتباهى بها، وهي في النهاية أجساد عضوية قابلة للتحلل والتفتت، لذا تحتاج لحرص شديد ومعاملة خاصة، وكانت أصعب المومياوات في ترميمها مومياء الملك رمسيس السادس، التي وصلت لنا في 187 قطعة متهالكة منذ اكتشافها، وهي المومياء التي استغرقنا فيها فترة طويلة من الدراسات والأبحاث والتجميع لنضع كل قطعة في محلها، وللمرة الأولى في التاريخ ستعرض المومياء مكتملة للجمهور».