مساحة للاختلاف

الدكتورة صفا أبو العزم تكتب عن: اضطراب الهوية

الشخصية المزدوجة أو اضطراب الهوية (بالإنجليزية: Dissociative Identity Disorder) أو DID، وكان يُعرف سابقًا باضطراب تعدد الشخصيات (بالإنجليزية: Multiple Personality Disorder) يتمثّل معنى الازدواجية في الشخصية في قيام المريض بهروب لا إرادي من الواقع، لينفصل عن الأفكار، والهوية، والوعي، والذاكرة.

وجديرٌ بالذكر أنّ اضطراب الهوية  يُمكن أن يُصيب أي شخص بصرف النظر عن فئته العمرية أو خلفيته العرقية أو الاجتماعية أو الاقتصادية ويعتبر اضطراب الهوية له بعض الخصائص والدلالات التي تشير إلى معاناة الشخص وعدم إدراك المحيطين به للمعاناة التي يواجهها بنفسه.

ومن أهم ما يُعاني البعض أحيانًا من التفكير في أمر ما بطريقتين مختلفتين، أو امتلاك ردود فعل مختلفة للموقف ذاته، إلّا أنّ هذا الأمر مختلف عن تعدد الهويات الذي يُعتبر واحدًا من صفات الشخصية المزدوجة، ففي هذه الحالة يشعر المريض بأنّ هناك شخصين أو أكثر يتحدثون أو يتواجدون داخل رأسه وقد يشعر كما لو أنّه يمتلك أكثر من هوية كل منها يحمل اسمًا وتاريخًا شخصيًا مختلفًا علي شرط أن يتم ذلك بطريقه طبيعية يتعايش معها المضطرب أو صاحب الشخصية الازدواجية كما تمتلك كل هوية بداخله خصائص مغايرة حيث إن لكل منها الصوت الخاص بها والجنس والسلوكيات والصفات الجسدية التي تتميز بها عن غيرها والتي قد يُعاني المصاب بهذا العرض بفقدان الذاكرة الانفصامي والشرود الانفصامي

وبرغم أنّ العديد من الأشخاص يُعانون من فقدان الذاكرة والنسيان لأسبابٍ مختلفة قد ترجع إلى نقص فيتامينات أو تناول بعض الأدوية أو بعض الحالات النفسية كالقلق والتوتر إلّا أنّ فقدان الذاكرة المراد به عرضا للإصابة باضطراب الشخصية المزدوجة مختلف عن حالات القلق أو الاكتئاب لدي الأشخاص العاديين إذ يكون فيه النسيان أكثر حدّة من النسيان الطبيعي حيث لا يستطيع فيه الشخص تذكر المعلومات الشخصية المتعلقة به كما لا يتذكّر الأحداث والأشخاص الموجودين في حياته ودون أي أسباب طبية وتحصل هذه الحالة عند المرور بأحداثٍ معينة صادمة كالشجار الشديد مثلًا…  كما يحدث فقدان الذاكرة فجأة ويستمر عادةً لعدة دقائق أو ساعات ويمكن أن يستمر في حالات قليلة إلى شهورٍ أو سنوات.

ويعتبر في الآونة الأخيرة ظهور اضطراب الشخصية الازدواجية بصورة غير متوقعه ليس فقط من خلال شعور الفرد بالازدواجية الشخصية أو تعدد الشخصيات بداخله ولكنه ظهر بمفهوم أنه يحاكي حياة حيوان أو يتصف ويميل إلى حياة نوع من الحيوانات كما نري في الدول الأجنبية أشخاصًا تحاكي حياة الكلب والمعايشة اليومية لحياة الكلب كما أنهم اعتبروها مهنة تلبي المشاعر الداخلية بإحساسهم بوجود ازدواجية في المشاعر والتضارب بين الإنسان والكلب المتواجدة بداخلهم.

وقد أشارت بعض المؤسسات العلاجية بالدول الأجنبية إلى أهمية العلاج من خلال غمر الانسان صاحب الازدواجية الشخصية في التعرف على حياة الحيوان الذي يستشعر أنه موجود بداخله ومعايشته ببيئة شبه بيئة الحيوان وهنا يكتشف الانسان أن طبيعته البيولوجية غير متوافقة مع حياة هذا الحيوان والذي خلق بصورة وطبيعة بيولوجية تتناسب مع حجم الصراعات والصعوبات التي يواجهه هذا الحيوان فيستطيع الانسان صاحب هذا الاضطراب أن يدرك أنه خلق لحياة الانسان وأنه لاينتمي إلى حياة الحيوان.

وتتعدد الكثير من الازدواجية ومشاعر الشخص صاحب الشخصية الازدواجية بتضارب كذا شخصية بداخله واختلافها مما يؤثر على حياته الطبيعية وعلاقاته بالأشخاص المحيطين به كما أن لها التأثير الكبير على تفاعله مع المجتمع وقيامه بواجباته ودوره كإنسان خلق لينتمي لمجتمع سوي بعيد عن هذه الازدواجية الشخصية.

ومن الأعراض التي قد تشير إلى الشخصية المزدوجة أيضًا مرور الشخص بمشاكل في الأوساط الاجتماعية المحيطة به ويتضمن ذلك بيئة العمل والمجالات الأخرى في حياته والتي تؤثّر بشكلٍ سلبي على سلوكياته وأدائه في الحياة اليومية ويختلف مستوى الاضطراب الاجتماعي من مريض لآخر إذ يكون ذو حدّة قليلة في بعض الأحيان ومشكلةً كبيرة في أحيان أخري.

 وهناك عدة طرق لتمييز الشخصية المزدوج من خلال إجراء اختبار ازدواج الشخصية أو ملاحظة أعراضها الأساسية والمتمثلة في معاناة المصاب من وجود شخصيتين أو أكثر داخله اوفقدان الذاكرة والنسيان المستمر والمتمثل في نسيان تفاصيل مسلّم بها كالمعلومات الشخصية وكذلك الشعور المتكرر بالضيق والانزعاج نتيجة الأعراض السابقة إلى جانب صعوبة في التواصل الاجتماعي

وقد يستغرق علاج الشخصية المزدوجة وقتًا طويلًا لكنّه فعّال والهدف من العلاج هو دمج الهويات المختلفة في شخصية وهوية واحدة ويكون ذلك وفق عدة مراحل كما يأتي في المرحلة الأولى أنها تركز على استقرار الأعراض وضمان سلامة المصاب وعدم تعرضه لايذاء النفس والمرحلة الثانية وهي يُعالج فيها الأخصائي الذكريات المؤلمة وذلك في بيئة آمنة وداعمة عن طريق العلاج المعرفي السلوكي من خلال تغيير الأفكار السلبية بأخري إيجابية ويكون خاضع لبرنامج علاجي كما يراه الاخصائي النفسي ويوجد المرحلة الثالثة وهي جمع الهويات المختلفة في هوية واحدة متماسكة وقد تحتاج الحالة إلى طبيب نفسي متخصص في وصف الأدوية وبرغم عدم وجود دواء لعلاج الشخصية المزدوجة إلّا أنّ الطبيب قد يمنح المريض أدوية مرتبطة بالاكتئاب.

وبالنهاية أهمية الإشارة إلى الوعي بالصحة النفسية وسرعة طلب المساعدة من أخصائي نفسي في حالة شعور الشخص بأعراض مختلفة عن طبيعته قد تسبب مشاكل في سير حياة الإنسان.

بقلم الدكتورة / صفا أبو العزم

أخصائي نفسي وتعديل سلوك

وتنمية مهارات ذوي الاحتياجات الخاصة

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

يسعدنا مشاركاتك

زر الذهاب إلى الأعلى
« Browse the site in your preferred language »
%d مدونون معجبون بهذه: